الجمعة، 10 ديسمبر 2010

دمج ذوي الاحتياجات الخاصة.. في المجتمع يخفف آلامهم

رعاية المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة ضرورة اجتماعية ومسئولية من مسئوليات الكفاية علي المجتمع لأنها حق لمن وجد نفسه يعاني من عجز ما ومهمة في مجتمع يريد ان يفيد من كل طاقاته ويريد ان يصرف عن نفسه دواعي الأزمات والأمراض الاجتماعية لذا لم يغفل الإسلام هذه الفئة المهمة من فئات المجتمع. علماء الدين ناقشوا عناية الإسلام بالمعوقين ومدي الرقي السلوكي والفكري تجاههم وكيف استطاع ذلك السلوك أن يحول هؤلاء إلي المشاركة الاجتماعية فساهموا في بناء الفكر الإنساني إلي يومنا هذا وجعلوا إعاقتهم مصدر فخر ينتسبون إليه. د. صلاح زيدان المفكر الإسلامي وعميد كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر سابقاً قال: أثبت المجتمع عجزه عن استيعاب أصحاب الحالات الخاصة الذين يطلق عليهم تجاوزا المعاقين وهي تسمية غير لائقة بالمرة فكثير منهم رغم ما يمتلكون من ميزات ومواهب وقدرات يمكن تنميتها بحيث يتكيفون مع مجتمعهم رغم عاهاتهم. بل ربما يفوقون غيرهم من الأسوياء والإسلام قد أبدي اهتماماً كبيراً بالنص علي رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة حيث أوضح سبحانه وتعالي مدي المنزلة الكبيرة التي يتمتعون بها بعد ان آمنوا به وبرسوله ونصروا الدعوة الإسلامية منذ بدايتها وتحملوا في سبيلها الكثير حتي أنه تعالي عاتب نبيه صلي الله عليه وسلم في عبدالله بن أم مكتوم الأعمي الذي حضر إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ليجلس معه كما تعود فأعرض عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم لعدم فراغه وانشغاله بدعوة كفار مكة وسادتها ومحاولة جذبهم إلي توحيد الله وأدار وجهه عنه والتفت إليهم. وبالطبع لم ير ابن أم مكتوم مافعله الرسول صلي الله عليه وسلم لأنه أعمي. فجاء عتاب الله لنبيه: "عبس وتولي. أن جاءه الأعمي". وبهذه الآيات أوضح الله تعالي لنبيه وللأمة من بعده أن المؤمن الضرير أطيب عند الله من هؤلاء الصناديد الكفرة. فكان صلي الله عليه وسلم كلما رآه هش له ورحب وقال: "أهلا بمن عاتبني فيه ربي". أضاف: قام الخليفة عمر بن عبدالعزيز بإحصاء عدد المعوقين في الدول الإسلامية لمعرفة مدي إمكانية الإفادة منهم ورعايتهم بما يقضي علي العازل الاجتماعي بينهم وبين غيرهم ووضع الإمام أبوحنيفة تشريعاً يقضي بأن بيت مال المسلمين مسئول عن النفقة علي المعوقين. والنفقة لا تعني بصفة أساسية الراتب الشهري وإنما تهيئة اسباب الحصول علي الرزق بصورة تحفظ علي الإنسان حياته وكرامته ووزارة المالية الآن تقوم بديلا عن بيت مال المسلمين. وقام الخليفة الوليد بن عبدالملك ببناء أو مستشفي للمجذومين عام 88ه وأعطي كل مقعد خادماً وكل أعمي قائداً ولما ولي الوليد إسحاق بن قبيصة الخزاعي ديون أصحاب الأمراض المزمنة بدمشق قال: لن أدع أصحاب تلك الأمراض حتي يحبهم أهليهم أكثر من الاصحاء. والأمويون عامة انشأوا مستشفيات للمجانين والبلهاء فأنشأ الخليفة المأمون مكاناً للعميان والنساء العاجزات في بغداد والمدن الكبيرة. وقام السلطان قلاوون ببناء مستشفي لرعاية المعوقين. بل وكتب كثير من علماء المسلمين عن المعاقين مما يدل علي اهتمامهم بهم مثل: الرازي الذي صنف "درجات فقدان السمع" وشرح ابن سينا أسباب حدوث الصمم ومن علماء المسلمين من كان يعاني من إعاقة ولم يؤثر ذلك عليهم بل أصبحوا أعلاماً ينصرون هذا الدين بالقول والفعل فمنهم: أبان بن عثمان. كان لديه ضعف في السمع ومع هذا كان عالماً فقيهاً ومحمد بن سيرين. كان ذا صعوبة سمع شديدة ومع هذا كان راوياً للحديث ومعبراً للروئ وعبدالرحمن بن هرمز الأعرج وحاتم الأصم وسليمان بن مهران الأعمش وأبوالعباس الأصم. دمج المعاق في المجتمع د. بكر زكي عوض عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر بالقاهرة قال: حرص الإسلام علي دمج المعاق في مجتمعه. فقد جعل رسول الله صلي الله عليه وسلم ابن أم مكتوم مسئولا عن المدينة عندما خرج لإحدي غزواته وكان ذلك درس عملي لتعامل الأمة مع ذوي العاهات فقد أعلن الرسول صلي الله عليه وسلم بصريح التصرف ان ما يصيب الشخص من بلاء جسدي لا ينقص قدره ولا ينال من قيمته باعتبار ان أصل التفاضل هو التقوي والعمل الصالح قال تعالي: "إن أكرمكم عند الله اتقاقكم" فالميزان الحقيقي هو التقوي والعمل الصالح الذي ينفع البشرية وليس مجرد الصورة الخارجية قال صلي الله عليه وسلم: "إن الله لا ينظر إلي صوركم وأموالكم. ولكن ينظر إلي قلوبكم وأعمالكم". أضاف: إننا نملك أزدواجية في التعامل مع المعاقين شأن أمور كثيرة في حياتنا فرغم ان الإسلام جعلهم سبب انتصار الأمة لقول الرسول صلي الله عليه وسلم: "هل تنصرون. وترزقون إلا بضعفائكم" نجد أننا نضطرهم إلي أظهار ما ابتلاهم به الله رغبة في استجداء العطف الإنساني لتحقيق قدر من المعيشة اللائقة وذلك يؤكد مسئولية المجتمع عن عدمه الافادة من طاقاتهم المعطلة بتيسير سبل العمل والكسب والتحصيل فالإسلام يري أن فقدان عضو ليس معناه بالضرورة فقدان الوظيفة الاجتماعية بكاملها فهي نظرة شاملة متكاملة ومتسقة تضع في المقام الأول تأدية المرء لوظائفه ومسئولياته دون النظر إلي الطريقة أو الكم. المهم ان يكون عضواً فاعلا معطياً وليس مجرد آخذ وأن يعمل في حدود طاقته وإمكانياته سواء كان فاقدا لعضو أو غير ذلك فقيمة الإنسان تتحدد من خلال ما يتقنه من عمل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" ومما يؤكد المشاركة المجتمعية قول الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم "ترك السلام علي الضرير خيانة" وذلك في الوقت الذي أطلق عليهم مارتن لوثر أعداء الله. أشار د. بكر إلي أن الحضارة الإسلامية أثبتت قدرتها علي الاستفادة من كل الطاقات المتوافرة وتأهيل الاشخاص المعاقين ليقوموا بدورهم في بناء الدولة الإسلامية وقد برز في التاريخ الإسلامي رجال عظام في مجالات العلوم والآداب والفنون لم تمنعهم إعاقتهم البدنية من أن يبرزوا ويبدعوا فكان منهم علي سبيل المثال الأحنف بن قيس. مبشر بن المعتمد. وأبوحامد المروزي. والأعرج وعبدالرحمن بن عوف. ومحمد بن سيرين. وأبوالعلاء المعري. وموسي بن نصير والمغيرة بن شعبة وغيرهم من العلماء والأدباء والقادة والشعراء الذين ساهموا بانجازاتهم في تكريس عظمة الحضارة الإسلامية حتي وقتنا الحاضر فلا بد من دمج ذوي الاحتياجات الخاصة بالمجتمع والاستفادة من جهودهم حقيقة وليس بوظائف وهمية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق